سعيد ناشيد يكتب : الآباء المؤسسين لفنون القتال اليابانية الحديثة

ما لا يعرفه الكثيرون عن الآباء المؤسسين لفنون القتال اليابانية الحديثة، المعلم جيغورو كانو مؤسس الجودو، المعلم غيشن فوناكوشي مؤسس الكاراطيه، المعلم موريهيه أويشيبا مؤسس الأيكيدو، أنهم جميعهم كانوا ضعاف البنية، وقد فشلت محاولاتهم المضنية في الحصول إلى بنية قوية داخل بيئة محاطة بمخاطر الحروب الأهلية ووحوش الأدغال، بل منهم من زادته الأمراض ضعفا مثل موريهيه أويشيبا، لكنهم بقدرتهم على استلهام الفلسفات الطاوية والكونفوشيوسية والبوذية، وانفتاحهم على الفلسفات الغربية، وقيامهم بتمارين طويلة في مختلف الرياضات، مصحوبة بتأملات عقلية وروحية في الطبيعة والذات، استطاعوا أن يتصالحوا مع أنفسهم، أي مع ضعفهم، ليس للمسكنة كما يفعل البعض، بل، لقد تمكنوا من تحويل ضعفهم إلى حافز لتطوير مهارات وتقنيات تمنح للضعفاء مثلهم القدرة على الدفاع عن النفس أمام أي قوة غاشمة.
غاية فنون القتال اليابانية الحديثة ليست تشجيع الناس على الاشتباك العضلي، أو تأسيس مليشيات قتالية في الشوارع كما توهم بعضنا في بضع سنوات خلت، بل العكس تماما، فالمعلمون المؤسسون أنفسهم يؤكدون أن غاية المهارات القتالية المساهمة في تهذيب النفس ومن ثم تحقيق السلام الأهلي، وذلك لاعتبارين واضحين:
أولا، القتال القائم على المهارات بدل العضلات يساهم في تهذيب غرائز التوحش التي تختزل القتال في المعادلة التالية: من هو صاحب الفك الأقوى؟ من هو صاحب المخالب الأقوى؟ من هو صاحب الأنياب الأقوى؟.. وفي النهاية، من هو صاحب المتفجرات الأقوى؟
ثانيا،عندما يتجاوز الإنسان الضعيف عقدة الخوف، ويستعيد شجاعته وثقته في نفسه بفعل المهارات القتالية التي اكتسبها ويمكنه أن يزيد من تطويرها بنحو لامحدود، فإنه يصير أكثر ميلا إلى التسامح والغفران.
إذ لا يعضك إلّا الكلب الخائف منك.
وهكذا أقول لك:
لا تخجل من نقاط ضعفك وعوزك وحرمانك، فانطلاقا منها يمكنك أن تطور مهاراتك، في كل مناحي الحياة.
لا تنس أن نقاط ضعفك هي المنبع السري لقوتك، حين تحسن استعمالها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock