جلالة الملك يترأس الدرس الخامس من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية

ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، اليوم الاثنين بالقصر الملكي العامر بمدينة الدار البيضاء، الدرس الخامس من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية لسنة 1445 هـ.

وألقى الدرس بين يدي أمير المؤمنين، السيد عثمان كان، أستاذ الفكر الإسلامي بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية، متناولا بالدرس والتحليل موضوع “العلاقات الثقافية والفكرية بين إفريقيا جنوبي الصحراء والمغرب الكبير”.

وفي مستهل هذا الدرس، أكد المحاضر أن موضوعه مستوحى من قول الله تعالى في سورة الحجرات: (يا أيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خبِيرٌ).

وأوضح أن هذه الآيات تضم ست حقائق؛ وهي أنها تقرر حقائق تهم الناس أجمعين، وعليها يمكن أن تقوم الإنسانية الحق، وأن الأصل في حقيقة الإنسان أنه لم يوجد بالصدفة ولكنه مخلوق الله، وأن هذه المساواة في الخلق تترتب عنها مساواة بين الذكر والأنثى، وأن الناس جعلوا بحكمة الله مجتمعات متفاوتة في الأحجام مختلفة في العلائق، وأن حكمة الله أن تشكل هذه المجتمعات مجتمعا إنسانيا قائما على التعارف، أي على الاعتراف المتبادل الذي يضمن التعايش في سلام، وأن مقياس الكرامة المستحقة للإنسان إنما يجوز التفاوت فيها على أساس الالتزام بالأخلاق المعبر عنها بالتقوى.

وأضاف أن السر في بناء الدرس على هذه الآيات هو المقابلة بين دور المغرب التاريخي والحاضر في ربط وشائج التعامل الثقافي مع عمق إفريقيا وبين التوجهات الغربية للفصل بين هذين العالمين عالم المغرب الكبير وعالم جنوبي الصحراء، لافتا إلى صعوبة تدريس العلوم الإسلامية في الجامعات الغربية بسبب التقسيم الأكاديمي المعمول به فيها، خاصة في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

وأرجع المحاضر أصل هذا التقسيم الإقليمي إلى ” التحيز العنصري للمفكرين الأوروبيين في عصر التنوير”، مسجلا أن مثل هذا التقسيم (شمال إفريقيا مقابل جنوبها) مستند إلى افتراضات تتجاهل الحقيقة التاريخية المتمثلة في ما تعزز من وحدة العقيدة الإسلامية واللغة العربية والمذهب المالكي في نسيج العلاقات بين سكان المغرب الكبير وبين الصحراء الكبرى وافريقيا الغربية، مشيرا إلى أن هذه الشعوب حافظت على علاقات متبادلة قوية لعدة قرون، مهتدية بنداء القرآن.

وأشار إلى أن الإرث الاستعماري الغربي له تأثير كبير على المثقفين والأفكار في إفريقيا، “ومن المؤسف أن الافتراضات حول التاريخ الفكري الإفريقي غير صحيحة، ولا تنتشر داخل المؤسسات الأكاديمية الغربية فقط، بل يميل غالبية المثقفين الذين درسوا في المدارس ذات المناهج الغربية بإفريقيا، وتحديدا جنوبي الصحراء الكبرى، إلى الاعتقاد بأن إنتاج المعرفة بدأ مع الاستعمار الأوروبي”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock