تنظيم لقاء تواصلي لتقديم العرائض والملتمسات من أجل مشاركة ديمقراطية و مواطنة

دعا أساتذة جامعيون، يوم الخميس 02 فبراير الجاري بالرباط، إلى تثمين المكتسبات الدستورية في مجال الديمقراطية التشاركية بالنظر إلى مختلف التحديات التي تعرفها آليتي تقديم عرائض وملتمسات التشريع.

وأبرز هؤلاء الأكاديميون خلال لقاء تواصلي حول موضوع “تقديم العرائض والملتمسات: من أجل مشاركة ديمقراطية ومواطنة”، نظم بشراكة بين مجلس النواب والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، أهمية تمكين المجتمع المدني من النهوض بأدواره ووظائفه الدستورية باعتباره شريكا في العلاقة الإيجابية بين المؤسسات والمواطنين.

وفي هذا الصدد، تطرق الأستاذ الجامعي، عبد الله ساعف، إلى العلاقة التي تجمع بين الديمقراطية التشاركية والديمقراطية التمثيلية، حيث أشار إلى أن الديمقراطية التشاركية لا يمكن أن تكون بديلا للتمثيلية التي تعتبر محور النظام والمقاييس الدولية للديمقراطية، بل مكملا لها، مؤكدا أنه في إطار منظومة التصورات السياسية المعاصرة والحداثية، من المنطقي تبني عقيدة المشاركة السياسية القائمة على الخطاب التشاركي المنفتح.

وأضاف السيد ساعف أن الديمقراطية التشاركية تقوم على ثلاثة مبادئ أساسية، يتعلق أولها بإدماج كافة المعنيين بشأن معين، و ضرورة تبادل الحجج وفتح نقاش عمومي حول هذا الشأن، ثم مبدأ التواصل والشفافية من خلال السماح للمعنيين بالاطلاع على تفاصيل الأشياء والاعتبارات التي وراءها وتبنيها وتملكها.

وأبرز وجود صعوبات تتعلق بممارسة الديمقراطية التشاركية، منها الصعوبات الأكاديمية المرتبطة بتعريف العلاقة بين الديمقراطيتين، وعدم وضوح الأهداف التي تقود إلى إنتاج أفضل القرارات ومصالحة المواطنين مع الشأن العام، إضافة إلى كون فضاء الديمقراطية التشاركية ظل فارغا رغم اعتماد دستور 2011، وكذا غموض المساطر.

من جانبه، أكد الأكاديمي محمد بودن، على أهمية أن تواكب مشاركة المواطنين في الشأن العام التطور المستمر الذي تعرفه الديمقراطية، باعتبارها السمة الأساسية للديمقراطية الناظمة للحياة التي تعتمد بالأساس على إبداع المواطنين ومساهمتهم في الحياة العامة، مشيرا إلى أن الديمقراطية التشاركية تعكس طلبا مجتمعيا وفئويا على حقوق معينة.

وأضاف في توصيفه لخصائص الديمقراطية التشاركية أنها تبتعد عن النزعات الفردية وتتطلب روحا جماعية وعقلا واعيا وعملا مشتركا، لاسيما في ظل الطفرة الرقمية، مشددا على أن انفتاح الديقراطية التشاركية على التقنيات سيساهم في تحقيق معيار الشمول الذي يعتبر عنصرا أساسيا في الديمقراطية.

وتابع أن الديمقراطية التشاركية تمثل أحدث نمط مؤسسي لتوسيع المشاركة السياسية واستيعاب التحولات والمتغيرات وتحقيق تفاعل بناء بين المجتمع والمؤسسة، مشيرا إلى أن من شأن استخدام آليات هذه الديمقراطية كالعرائض والملتمسات تحقيق التطوير والتجويد والتخليق في تدبير الشأن العام.

وأشار السيد بودن إلى ارتفاع منسوب الثقة في قنوات الديمقراطية التشاركية باعتبارها آليات حاسمة يمكن أن تستجيب لبعض التطلعات، لاسيما من قبل المواطنين، مشددا على الدور المحوري الذي يمكن يقوم به المجتمع المدني في بناء الديمقراطية التشاركية باعتباره أداة ضبط ومراقبة وشريكا في العلاقة الإيجابية بين المؤسسات والمواطنين.

 

من جانبه أكد الأكاديمي عبد الرحيم منعام أن دور المجتمع لم يعد يقتصر، بعد مقتضيات دستور 2011، على انتخاب من يدبر الشأن العام نيابة عنه، بل أصبح دائم دائم الحضور من خلال أفراده وجماعاته في تدبير هذا الشأن، مشيرا إلى أن الديمقراطية التشاركية والديمقراطية التمثيلية تعتبران وجهان لعملة واحدة تروم الوصول إلى صورة أخرى من صورها وهي “الديمقراطية المستمرة”.

وأضاف أن تقديم الملتمسات والعرائض في مجال التشريع يعتبر من الدعائم الأساسية التي تقوم عليها الديمقراطية التشاركية، مشيرا إلى أن أحكام الفصل 14 من الدستور أقرت حق تقديم الملتمسات للمواطنات والمواطنين كوسيلة مهمة لتمكينهم من المساهمة في المبادرة التشريعية والمشاركة في إنتاج السياسات العمومية وتجويدها.

وسلط السيد منعام الضوء على المستجدات المرتبطة بتيسير ممارسة المواطنين الحق في تقديم الملتمسات، مبرزا في هذا الصدد أن القانون التنظيمي رقم 64.14 الذي نظم شروط وكيفيات ممارسة هذه الآلية الدستورية التشاركية، والذي تم تعديله بموجب القانون التنظيمي رقم 71.21، الذي يتيح تقديم الملتمسات بطريقة إلكترونية.

يشار إلى أن هذا اللقاء التواصلي يهدف إلى التعريف بأهمية الديمقراطية التشاركية وتكاملها مع الديمقراطية التمثيلية، وإبراز الدينامية القانونية والمؤسساتية التي عرفها مجلس النواب من خلال انفتاحه على المجتمع المدني، والتعريف بهذه المهمة على المستوى الوطني والدولي.

ويعتبر هذا اللقاء، الذي يندرج تنظيمه أيضا، في إطار تنفيذ التزامات مجلس النواب ضمن مبادرة الشراكة من أجل حكومة منفتحة، الثالث من نوعه خلال الولاية التشريعية الحالية والخامس منذ صدور القانونين التنظيمين بشأن العرائض والملتمسات من أجل التشريع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock