يونس السكوري : المغرب يدعم الجهود الدولية و الإقليمية ذات الصلة بحكامة الهجرة
قدم المغرب، اليوم الثلاثاء بجنيف، مرتكزات ومضامين تجربته الرائدة في مجال تدبير الهجرة، خصوصا على مستوى تأهيل الإطار القانوني للهجرة واللجوء ومكافحة الاتجار في البشر، ضمن سياسة وطنية إرادية وإنسانية.
جاء ذلك خلال عرض قدمه يونس سكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، في إطار الدورة 36 للجنة المعنية بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، بمناسبة فحص التقرير الدوري الثاني المتعلق بإعمال الاتفاقية الدولية ذات الصلة، حيث استعرض المكتسبات التي تم ترصيدها على المستوى الوطني منذ سنة 2013.
وذكر الوزير بدعم المغرب للجهود الدولية والإقليمية ذات الصلة بحكامة الهجرة، حيث ساهم في انبثاق العديد من المبادرات الرائدة كالاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، الذي استضاف مؤتمر اعتماده تحت رعاية الأمم المتحدة في دجنبر 2018.
أما على صعيد القارة الإفريقية، يتابع الوزير، فقد توجت جهود ومبادرات المملكة بتكليف صاحب الجلالة محمد السادس من قبل القادة الأفارقة، بمسؤولية “رائد الاتحاد الإفريقي في موضوع الهجرة”، خلال القمة 28 للاتحاد الأفريقي (يناير 2017)، عرفانا لجهود جلالته في موضوع الهجرة بالقارة الإفريقية وتثمينا لرؤيته المتبصرة في هذا المجال، والتي كان من ثمارها إحداث المرصد الإفريقي للهجرة، الذي يعتبر آلية عملية لمواكبة الهجرة وتجسيدا ملموسا لدور المغرب كرائد في قاري في قضايا الهجرة.
وأشار الوزير، الذي ترأس وفدا مغربيا يمثل مختلف القطاعات المعنية بموضوع الهجرة، الى أن الجهود الدولية والإقليمية للمملكة لتدبير والنهوض بحكامة الهجرة وصيانة حقوق المهاجرين تستند إلى إرادة وطنية راسخة تترجمها السياسة الوطنية في مجال الهجرة واللجوء، التي اعتمدتها المملكة المغربية سنة 2013 انطلاقا من الرؤية والتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، القاضية بإعداد سياسة جديدة للهجرة وفق مقاربة إنسانية ومتعددة الأبعاد.
وارتكزت هاته السياسة، يقول السيد سكوري، على محاور متكاملة، تهم تأهيل الإطار القانوني المتعلق بالهجرة واللجوء والاتجار بالبشر، وتسوية الوضعية القانونية للمهاجرين، ومعالجة طلبات اللجوء، وبلورة استراتيجية وطنية في مجال الهجرة واللجوء.
وأوضح أنه إعمالا للرؤية الوطنية في مجال الهجرة واللجوء، اعتمدت المملكة منذ سنة 2014 استراتيجية وطنية خاصة بالهجرة واللجوء تتوخى ضمان اندماج المهاجرين واللاجئين وتيسير ولوجهم للحقوق والخدمات العمومية دون تمييز. وترتكز الاستراتيجية على تنفيذ برامج تشمل مجالات هامة كالتعليم والصحة والشغل والمساعدة القانونية والاجتماعية، وتدبير الحدود وتعزيز التعاون والشراكات الدولية في هذا المجال.
وفي هذا الباب، مكنت العملية الاستثنائية لتسوية أوضاع المهاجرين في المغرب خلال سنتي 2014 و2017 من تسوية وضعية ما يناهز 50.000 مهاجرة ومهاجرا، فضلا عن تقوية الإطار القانوني الوطني من خلال اعتماد القانون المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر سنة 2016. ويتواصل هذا المجهود لاستكمال الورش الخاص بتأهيل الإطار القانوني من خلال العمل من أجل اعتماد قانونين أساسين آخرين، يهم الأول دخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة، في حين يتعلق الثاني باللجوء وشروط منحه.
كما عملت السلطات العمومية، حسب الوزير، على فتح مكتب اللاجئين وعديمي الجنسية وإحداث لجنة بين وزارية مكلفة بالاستماع لطالبي اللجوء ودراسة ملفاتهم منذ سنة 2013، مما مكن من تسوية وضعية 1192 طالب لجوء من مختلف الجنسيات، وأتاح ل 259 قاصر الحصول على صفة لاجئ في المغرب.
وذكر بأن سنة 2022 عرفت استفادة 4.305 مهاجرا غير نظامي من برنامج العودة الطوعية، كما أسفرت تدخلات السلطات العمومية المختصة عن تفكيك 290 شبكة تنشط في تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر خلال نفس السنة.
وتعزز الإطار القانوني والمؤسساتي في مجال الاتجار بالبشر باعتماد المملكة الخطة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه برسم سنة 2023-2030 وآلية إحالة ضحايا جرائم الاتجار بالبشر. ويأتي ذلك ترجمة لالتزامها الثابت في مجال التصدي لهذه الظاهرة، ضمن مقاربة إنسانية وفي احترام تام لسيادة القانون والحقوق الكونية.
كما تحرص المملكة المغربية على مواصلة اعتماد التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف كآلية للارتقاء بتدبير الهجرة وحماية حقوق المهاجرين. وتشكل العديد من الدول الإفريقية والأوربية وكذا الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوربي، نماذج من الشركاء الذين طورت المملكة المغربية معهم حوارا وتعاونا عميقين في مجال الهجرة والقضايا المتصلة بها.
وعبر يونس سكوري عن تطلع المملكة، باعتبار موقعها كبلد عبور للمهاجرين نحو أوروبا، للمزيد من التعاون والتنسيق مع محيطها وشركائها واعتماد مقاربات جديدة ذات أبعاد وقائية وتنموية، ومستندة إلى رؤية استباقية للحد من المآسي التي يعرفها عبور المهاجرين غير النظاميين من الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط إلى ضفته الشمالية.