ياسمين لمغور تكتب : العدالة و التنمية أكبر خطر يهدد المغرب
يحيي المغاربة غدا، ذكرى تاريخية عظيمة ومحطة وطنية خالدة، نحتفي فيها بنجاح جلالة الملك في صنع ما بات يسمى بالاستثناء المغربي، بخطابه السامي ليوم 9 مارس 2011، قاطعاً الطريق على المخربين والمتربصين بأمن واستقرار بلادنا، في ظرفية وصفت حينئذ بالمشحونة في العالم العربي، ثورات هنا واحتقانات هناك؛ أجندات تخريبية لتنظيمات عدة وكل يتحين الفرصة ليخدم أجنداته الخاصة..
«إن أريد الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب» بهذه الآية الكريمة، ختم أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، خطابه السامي في التاسع من مارس سنة 2011، معلنا بذلك عهداً جديداً ودستوراً جديداً وحزمة من الإجراءات لمغرب التقدم والازدهار، هي لوحة نادرة لتفاعل قائد واستجابته لمطالب شعبه.. فما كان للمغاربة إلا أن يقفوا خلف مليكهم وإمامهم، ولم يبقى خارج السرب سوى أقليات معزولة اصطدمت بواقع ثورة ملك وشعب ثانية، فتحطمت آمالهم وأحلامهم بتخريب الوطن وتدمير تاريخ أمة امتدت لأزيد من 12 قرناً…
مرت 12 سنة من الممارسة الديموقراطية بعد دستور 2011، ونجحت فيها “الحركات الإسلامية” في التموقع على رأس العديد من المناصب والمسؤوليات والحكومات في الوطن العربي، وظهرت معهم خلال هذه الفترة توجهاتهم الخفية خدمةً لأجندات الإخوان المسلمين حتى لو نكروا ذلك.. غير أن هذا الحلم الوردي لم يدم طويلا فالتجربة أظهرت أن هذه الفئة تصلح لكل شيء ما عدا التسيير والتدبير والقيام بالشؤون العامة..
بعد ولايتين اثنتين، فقدت هذه “الحركات الإسلامية” مواقعها وفقد معها الإخوان المسلمون امتدادهم السياسي والمدني، فهل ظلوا مكتوفي الأيدي يندبون حظهم ؟ طبعا لا .
في المغرب، وبعد السقوط المدوي لحزب العدالة والتنمية في انتخابات 8 شتنبر، تلقى الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين فرع المغرب صدمة قوية، وقف بعدها يتأمل ويتساءل عن الحاضر والمستقبل.. أرجع الذراع زعيمه الأممي من تحت الأنقاض للقيادة على رأس الأمانة العامة للحزب، و سار ينظم هنا و هناك لقاءات ومؤتمرات باهتة وخافتة، تجلب الشفقة أكثر من أي شيء آخر..
لم يقف ذراع الإخوان المسلمين في المغرب عند هذا الحد، فحاول أن يستجمع ما تبقى له من قوى ليستمر في خطته في تأجيج الشارع المغربي ضد الحكومة و باقي المؤسسات و المقاولات الوطنية، وهو الأمر الذي شهد عليه الجميع في فترة توليهم الشأن العام، بتغليبهم مصلحة المقاولات الإخوانية على حساب البقال المغربي والاقتصاد الوطني..
الخطير اليوم على بلادنا، كما كان خطيرا في الماضي (بفضل الترسانة القانونية التي تمت المصادقة عليها في هذه الولاية والمتعلقة بالإحسان وجمع التبرعات تمكنت بلادنا من ضبط كل الممارسات المشبوهة)، قلت أن الخطير هو جلب الرساميل الإخوانية مجهولة المصادر، أموال راكمتها شركات توظيف الأموال في كل بقاع العالم، والأخطر هو أنه مخطط يهدف إلى خلخلة الاقتصاد المغربي، ويظهر هذا التوجه جليا في الخطابات التي يتبناها العدالة والتنمية ومن معه من “بعض تيارات المعارضة” التي لا تزال تجهل خطورة “اتباعها لجيلالة بالنافخ”.. خطابات حادة ومغلوطة تفقد ثقة المواطن والمستثمر معا في الاقتصاد الوطني وتزرع فيهم الرعب وكأن اقتصادنا تحكمه “شياطين” حلال فيهم الجهاد و من ترك هذا الجهاد عليه كبيرة من كبائر الذنوب..
العدالة والتنمية اليوم باعتبارها ذراعا للإخوان المسلمين بالمغرب، وآلة تنفيذية للاتفاقية السرية المحدثة مطلع تسعينيات القرن الماضي والهادفة إلى السيطرة على أهم القطاعات في الدولة لترسيم “رسائل البنة المقدسة”، من خلال السيطرة المطلقة بأموال الخوانجية على قطاعات الطاقة والمواد الغذائية والفلاحة والقطاع البنكي والعقاري والتحكم في دواليب الدول.. ليس هذا فحسب ولكن كانت لهم خطة احتياطية في حالة الفشل السياسي، وهي حالة البيجيدي اليوم.. الخطة الاحتياطية هي تهييج الشوارع ضد رجال الأعمال و السياسيين الشرفاء وشيطنتهم والسيطرة الاقتصادية من أجل التحكم في الواقع المعاش للمواطنين..
المخجل هو استمرار إيمان البعض بهذه المخططات الفاشلة وبالقضية، والدفاع عنها بشراسة.. والغريب أن هؤلاء وبعد مرور 12 سنة على الخطاب السامي التاريخي ل9 مارس، لم يستوعبوا إلى الآن الاستثناء المغربي، استثناء دولة أمير المؤمنين والإمام الأعظم، وما وجود المؤسسات والحكومات إلا للتعاون والحفاظ على هذا الوطن من المتربصين والدفع به إلى مغرب التقدم والكرامة والازدهار..
مواجهة هذا التيار الإخواني الخطير هو واجب وطني، لا سكوت بعد اليوم عن تحركاته وخطاباته تحت الطلب..