رياض الفرطوسي يكتب : كيف نستعد لما قبل الكارثة

عندما يتفشى الفساد في المجتمع ويصبح الإعلام إعلاما رخيصا والناس في حالة من النوم والكسل والاحباط والنخب السياسية والثقافية والصحفية في حالة من الافلاس المعرفي والفكري ما عدا الاستعراضات والصور والنفاق والمجاملات على نتاجات سطحية وتافهة . فاعلم اننا في الطريق الى الهاوية وان انهيارا وشيكا وقريبا سيحصل .
الانهيار القادم هو نتيجة حتمية لما وصل له المجتمع من ظواهر منها :
أولا : انقلاب في معايير المجتمع ( تلك المعايير التي كانت تنظم الحياة وتسيرها ) التي تضبط الايقاع الاجتماعي بحيث يصبح لكل انسان معاييره الخاصة التي من خلالها يسمح لنفسه بالتجاوز والتبرير لكل ما يقوم به او يفعله لتكون النتيجة نوعا من الفوضى وهذا بالضبط ما نراه في الشارع هذه الايام .
ثانيا : في مجتمع قهري وتسلطي وابوي تنشأ الازدواجية في الشخصية حيث نرى ان الشخصية الواحدة تتشظى الى شخصيات متعددة بحيث ينتقل الانسان من شخصية الى اخرى بناء على كل ظرف وحالة بطريقة سلسلة . الى درجة ان هذه الظواهر لم تعد غريبة داخل المجتمع لان البيئة والمناخ الاجتماعي يساعد ويدعم هذه الظواهر الغريبة. مما يزيد الامر تعقيدا هو انعدام تطبيق القانون بطريقة صارمة.
ثالثا : عندما لا يستطيع الفرد ان يعبر عن مشاعره ونفسه وافكاره بسبب القلق والخوف والتوجس تذهب كل تلك المخاوف الى منطقة اللاوعي وتتراكم مما تعرض الانسان الى حالة من سحق بنيته الذاتية وتخلق له هوية مزيفة ومزورة يتعامل بها مع الناس.
رابعا : ان النقاشات المحتدمة في الفضائيات والتشابك العنيف الظاهر والمستتر هو علامة من علامات الانهيار والتفسخ وشكل من اشكال الانحرافات والتشوهات وتحطم قيم النزاهة التي تعتبر من مقدمات انهيار اي امة خاصة اذا سيطرت المعايير المشوهة والمنحرفة.
خامسا : التطبيع مع الانحرافات والتشوهات والظواهر المنحطة بحيث يصبح لها قبول اجتماعي. في كل مرحلة نشاهد تطفو على السطح سلوكيات ومفاهيم جديدة وتلك المظاهر تدفع المجتمع نحو المزيد من التمزق والتشرذم .
سادسا : لم يطلب احد لحد الان تغيير المؤسسات ( المتهالكة بالبيروقراطية ) بل اكثر المطالب مرتبطة بظروف مرحلية تتعلق بالكهرباء ( اثناء ارتفاع درجات الحرارة ) والخدمات والمجاري واصلاح الطسات في الشوارع العامة حتى اصبح وصول الراتب للموظف كما لو انه مكرمة.
سابعا : منذ 20 عاما ولحد الان ونحن في حالة تآكل زحف هذا التآكل على موارد الدولة الاقتصادية فضلا عن تفسخ مفاهيم المجتمع والخراب اصبح في المدن كما في النفوس والدولة في ازمات مستمرة من مرحلة الى اخرى .
ثامنا : هل تحدث الكارثة والانهيار بشكل مفاجىء ؟ قد يحدث ذلك في لحظة غير متوقعة بحيث ان الامور تبدو هادئة وعادية وساكنة ومستقرة وهذا ما فشل الخطاب السياسي الدعائي من اكتشافه او التنبؤ ( التكهن ) به لانه خطاب انشائي مكرر . تأتي هنا وظيفة المفكر والكاتب والفنان والروائي والاديب في ان يطلق صوته قبل قدوم المصيبة والكارثة من اجل الخروج بأقل الخسائر. اما من اعتاش على خداع الذات والتفاؤل الابله والامل المزيف والتحليلات السياسية الانشائية المتداولة في سوق الاعلام الرث او حتى ممن يصفون الخراب دون ان يدركوا اسبابه العميقة فهؤلاء سيتعرضون الى صدمة كبرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock